[table][tr][td]30 - باب: غزوة بني المصطلق من خزاعة، وهي غزوة المريسيع.
قال ابن إسحاق: وذلك سنة ست. وقال موسى بن عقبة: سنة أربع.
وقال النعمان بن راشد، عن الزهري: كان حديث الإفك في غزوة المريسيع.
3907 - حدثنا قتيبة بن سعيد: أخبرنا إسماعيل بن جعفر، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز أنه قال: دخلت المسجد، فرأيت أبا سعيد الخدري فجلست إليه، فسألته عن العزل، قال: أبو سعيد: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبيا من سبي العرب، فاشتهينا النساء، واشتدت علينا العزبة وأحببنا العزل، فأردنا أن نعزل، وقلنا نعزل ورسول الله بين أظهرنا قبل أن نسأله، فسألناه عن ذلك، فقال: (ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة).
[2116]
3908 - حدثنا محمود: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة نجد، فلما أدركته القائلة، وهو في واد كثير العضاه، فنزل تحت شجرة واستظل بها وعلق سيفه، فتفرق الناس في الشجر يستظلون، وبينا نحن كذلك إذ دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئنا، فإذا أعرابي قاعد بين يديه، فقال: (إن هذا أتاني وأنا نائم، فاخترط سيفي، فاستيقظت وهو قائم على رأسي، مخترط صلتا، قال: من يمنعك مني؟ قلت: الله، فشامه ثم قعد، فهو هذا). قال: ولم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[2753].
31 - باب: غزوة أنمار.
3909 - حدثنا آدم: حدثنا ابن أبي ذئب: حدثنا عثمان بن عبد الله بن سراقة، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أنمار، يصلي على راحلته، متوجها قبل المشرق، متطوعا.
[391]
32 - باب: حديث الإفك.
والإفك والأفك، بمنزلة النجس والنجس، يقال: {إفكهم} /الصافات: 151/ والأحقاف: 28/. وأفكهم، فمن قال: أفكهم، يقول: صرفهم عن الإيمان وكذبهم، كما قال: {يؤفك عنه من أفك} /الذاريات: 9/: يصرف عنه من صرف.
3910 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب قال: حدثني عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، وكلهم حدثني طائفة من حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض، وأثبت له اقتصاصا، وقد وعيت من كل رجل منهم الحديث الذي
حدثني عن عائشة، وبعض حدثيهم يصدق بعضا، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض. قالوا: قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب، فكنت أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل، ودنونا من المدينة قافلين، آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه، قالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن، ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل فساروا، ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطئ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول، قالت: فهلك من هلك، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول. قال عروة: أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده، فيقره ويستمعه ويستوشيه. وقال عروة أيضا: لم
يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، في ناس آخرين لا علم لي بهم، غير أنهم عصبة، كما قال الله تعالى، وإن كبر ذلك يقال له: عبد الله بن أبي ابن سلول.
قال عروة، كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان، وتقول: أنه الذي قال:
فإن أبي ووالده وعرضي *** لعرض محمد منكم وقاء
قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم، ثم يقول: (كيف تيكم). ثم ينصرف، فذلك يريبني ولا أشعر بالشر، حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع، وكان متبرزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا، قالت: وأمرنا أمر العرب الأول في البرية قبل الغائط، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، قالت: فانطلقت أنا وأم مسطح، وهي ابنة أبي رهم ابن المطلب بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت، أتسبين رجلا شهد بدرا؟ فقالت: أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال؟ قالت: وقلت: وما قال؟ فأخرتني بقول أهل الإفك، قالت: فازددت مرضا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم، ثم قال: (كيف تيكم). فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، قالت: فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: يا أمتاه، ماذا يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية، هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، لها ضرائر، إلا أكثرن عليها. قالت: فقلت: سبحان الله، أو لقد تحدث الناس
بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي، قالت: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ابن أبي طالب وأسامة بن زيد، حين استلبث الوحي، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك، ولا نعلم ألا خيرا. وأما علي فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك. قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال: (أي بريرة، هل رأيت شيء يريبك). قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله، قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله ابن أبي، وهو على المنبر، فقال: (يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما يدخل على أهلي إلا معي). قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل فقال: أنا يا رسول الله أعذرك، فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج، أمرتنا ففعلنا أمرك. قالت: فقام رجل من الخزرج، وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه، وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، قالت: وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل. فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. قالت فثار الحيان الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، قالت: فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم، حتى سكتوا وسكت، فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، قالت: وأصبح أبوي عندي، قد بكيت ليلتين ويوما، ولا يرقأ لي دمع لا أكتحل بنوم، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلست تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس، قالت: لم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثم قال: (أما بعد، ياعائشة، إنه بلغني عنكك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب، تاب الله عليه). قالت: عائشة: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت أمي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا: إني والله لقد علمت: لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة، لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني منه بريئة، لتصدقني، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون}. ثم تحولت واضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنه ليتحدر منه العرق مثل الجمان، وهو في يوم شات، كم ثقل القوم الذي أنزل عليه، قالت: فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكانت أو كلمة تكلم بها أن قال: (يا عائشة، أما والله فقد برأك). فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله عز وجل، قالت: وأنزل الله تعالى: {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم}. العشر الآيات، ثم أنزل الله هذا في براءتي، قال أبو بكر الصديق، وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا، بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم - إلى قوله - غفور رحيم}. قال أبو بكر الصديق: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا، قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال لزينب: ماذا علمت، أو رأيت). فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيرا، قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع. قالت: وطفقت أختها تحارب لها، فهلكت فيمن هلك.
قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط.
ثم قال عروة: قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله، فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط، قالت: ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله.
[2453]
3911 - حدثني عبد الله بن محمد قال: أملى علي هشام بن يوسف من حفظه: أخبرنا معمر، عن الزهري قال: قال لي الوليد بن عبد الملك: أبلغك أن عليا كان فيمن قذف عائشة؟ قلت: لا، ولكن قد أخبرني رجلان من قومك، أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: أن عائشة رضي الله عنها قالت لهما: كان علي مسلما في شأنها. فراجعوه فلم يرجع. وقال مسلما، بلا شك فيه وعليه، وكان في أصل العتيق كذلك.
3912 - حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا أبو عوانة، عن حصين، عن أبي وائل قال: حدثني مسروق بن الأجدع قال: حدثتني أم رومان، وهي أم عائشة رضي الله عنهما، قالت: بينا أنا قاعدة أنا وعائشة، اذ ولجت امرأة من الأنصار فقالت: فعل الله بفلان وفعل، فقالت أم رومان: وما ذاك؟ قالت: أبني فيمن حدث الحديث، قالت، وما ذاك؟ قالت: كذا وكذا، قالت: عائشة: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم، قالت: وأبو بكر؟ قالت: نعم، فخرت مغشيا عليها، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض، فطرحت عليها ثيابها فغطيتها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما شأن هذه). قلت يا رسول الله أخذتها الحمى بنافض، قال: (فلعل في حديث تحدث به). قلت: نعم، فقعدت عائشة فقالت: والله لئن حلفت لا تصدقونني، ولئن قلت لا تعذرونني، مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه: {والله المستعان على ما تصفون} قالت: وانصرف ولم يقل شيئا، فأنزل الله عذرها، قالت: بحمد الله لا بحمد أحدا ولا بحمدك.
[2453]
3913 - حدثني يحيى: حدثنا وكيع، عن نافع، عن ابن معمر، عن ابن أبي مليكة،
عن عائشة رضي الله عنها: كانت تقرأ: إذا تلقونه بألسنتكم وتقول: الولق الكذب. قال ابن أبي مليكة: وكانت أعلم من غيرها بذلك، لأنه نزل فيها.
[4475]
3914 - حدثنا عثمان بن أبي شيبه: حدثنا عبده، عن هشام، عن أبيه قال:
ذهبت أسب حسان عند عائشة، فقالت: لا تسبه، فإنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،. وقالت: عائشة: استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين، قال: (كيف بنسبي). قال: لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين.
وقال محمد بن عقبة: حدثنا عثمان بن فرقد: سمعت هشاما، عن أبيه قال: سببت حسان، وكان ممن كثر عليها.
[3338]
3915 - حدثني بشر بن خالد: أخبرنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي ضحى، عن مسروق قال: دخلنا على عائشة رضي الله عنها، وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعرا، يشبب بأبيات له، وقال:
حصان رزان ما تزن بريبة *** وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فقالت له عائشة: لكنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها لم تأذنين له أن يدخل عليك؟ وقد قال الله تعالى: {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم}. فقالت: وأي عذاب أشد من العمى؟ قالت له: إنه كان ينافح، أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[4477، 4478]
33 - باب: غزوة الحديبية.
وقول الله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} /الفتح: 18/.
3916 - حدثنا خالد بن مخلد: حدثنا سليمان بن بلال قال: حدثني صالح ابن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله، عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، فأصابنا مطر ذات ليلة، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، ثم أقبل علينا فقال: (أتدرون ماذا قال ربكم). قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال: (قال الله: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فأما من قال: مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله، فهو مؤمن بي، كافر بالكوكب. وأما من قال: مطرنا بنجم كذا وكذا، فهو مؤمن بالكوكب كافر بي).
[810]
3917 - حدثنا هدبة بن خالد: حدثنا همام، عن قتادة: أن أنسا رضي الله عنه أخبره قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر، كلهن في ذي القعدة، إلا التي كانت مع حجته: عمرة من الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته.
[1687]
3918 - حدثنا سعيد بن الربيع: حدثنا المبارك، عن يحيى، عن عبد الله ابن أبي قتادة: أن أباه حدثه قال: انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، فأحرم مع أصحابه ولم أحرم.
[1725]
3919 / 3920 - حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي الله عنه قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة، والحديبية بئر، فنزحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاها، فجلس على شفيرها، ثم دعا باناء من ماء فتوضأ، ثم مضمض ودعا ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم انها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا.
3920 - حدثني فضل بن يعقوب: حدثنا الحسن بن محمد بن أعين أبو علي الحراني: حدثنا زهير: حدثنا أبو إسحاق قال: أنبانا البراء بن عازب رضي الله عنهما: أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ألفا وأربعمائة أو أكثر، فنزلوا على بئر فنزحوها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى البئر وقعد على شفيرها، ثم قال: (ائتوني بدلو من مائها). فأتي به، فبصق فدعا ثم قال: (دعوها ساعة). فأرووا أنفسهم وركابهم حتى ارتحلوا.
[3384]
3921 / 3923 - حدثنا يوسف بن عيسى: حدثنا ابن فضيل: حدثنا حصين، عن سالم، عن جابر رضي الله عنه قال: عطش الناس يوم الحديبية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة فتوضأ منها، ثم أقبل الناس نحوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما لكم). قالوا: يا رسول الله ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك، قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، قال: فشربنا وتوضأنا، فقلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة.
(3922) - حدثنا الصلت بن محمد: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: بلغني أن جابر بن عبد الله كان يقول: كانوا أربع عشرة مائة، فقال لي سعيد: حدثني جابر: كانوا خمس عشرة مائة، الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية. قال أبو داود: حدثنا قرة، عن قتادة. تابعه بن بشار: حدثنا أبو داود: حدثنا شعبة.
(3923) حدثنا علي: حدثنا سفيان: قال عمرو: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: (أنتم خير أهل الأرض). وكنا ألفا وأربعمائة، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة.
تابعه الأعمش: سمع سالما: سمع جابرا: ألفا وأربعمائة.
[3383]
3924 - وقال عبيد الله بن معاذ: حدثنا أبي: حدثنا شعبة، عن عمر بن مرة: حدثني عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة، وكانت أسلم ثمن المهاجرين.
تابعه محمد بن بشار: حدثنا أبو داود: حدثنا شعبة.
3925 - حدثنا ابراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى، عن اسماعيل، عن قيس: أنه سمع مرداسا الأسلمي يقول، وكان من أصحاب الشجرة: (يقبض الصالحون، الأول فالأول، وتبقى حفالة كحفالة التمر والشعير، لا يعبأ الله بهم شيئا).
3926 - حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن مراون والمسور بن مخرمة قالا: خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأشعر وأحرم منها، لا أحصي كم سمعته من سفيان، حتى سمعته يقول: لا أحفظ من الزهري الإشعار والتقليد، فلا أدري، يعني موضع الإشعار والتقليد، أو الحديث كله.
[1608]
3927 - حدثنا الحسن بن خلف قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن أبي بشر ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجزة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه وقمله يسقط على وجهه، فقال: (أيؤذيك هوامك). قال: نعم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق، وهو بالحديبية، لم يتبين لهم أنهم يحلون بها، وهم على طمع أن يدخول مكة، فأنزل الله الفدية، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن يطعم فرقا بين ستة مساكين، أو يهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام).
[1719]
3928 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثني مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال:
خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترك صبية صغار، والله ما ينضجون كراعا، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فوقف عمر ولم يمض، ثم قال: مرحبا بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما، وحمل بينهما نفقة وثيابا، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟ قال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها، قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه، ثم أصبحان نستفيء سهمانهما فيه.
3929 / 3932 - حدثني محمد بن رافع: حدثنا شبابة بن سوار أبو عمرو الفزاري: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: لقد رأيت الشجرة، ثم أتيتها بعد فلم أعرفها. قال أبو عبد الله: قال محمود: ثم أنسيتها بعد.
(3930) - حدثنا محمود: حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن طارق بن عبد الله قال:
انطلقت حاجا، فمررت بقوم يصلون، قلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة، حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته، فقال سعيد: حدثني أبي: أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل أنسيناها، فلم نقدر عليها.
فقال سعيد: ان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها، وعلمتموها أنتم، فأنتم أعلم؟
(3931) - حدثنا موسى: حدثنا أبو عوانة: حدثنا طارق، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه: أنه كان ممن بايع تحت الشجرة، فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا.
(3932) - حدثنا قبيضة: حدثنا سفيان، عن طارق قال: ذكرت عند سعيد ابن المسيب الشجرة فضحك، فقال: أخبرني أبي: وكان شهدها.
3933 - حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا شعبة، عن عمر بن مرة قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى، وكان من أصحاب الشجرة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقة قال: (اللهم صل عليهم). فأتاه أبي بصدقته فقال: (اللهم صلى على آل أبي أوفى).
[1426]
3934 - حدثنا إسماعيل، عن أخيه، عن سليمان، عن عمرو بن يحيى، عن عباد بن تميم قال: لما كان يوم الحرة، والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة، فقال ابن زيد: على ما يبايع ابن حنظلة الناس؟ قيل له: على الموت، قال: لا أبايع على ذلك أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شهد معه الحديبية.
[2799]
3935 - حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي قال: حدثني أبي: حدثنا إياس بن سلمة بن الأكوع قال: حدثني أبي، وكان من أصحاب الشجرة، قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف، وليس للحيطان ظل نستظل فيه.
3936 - حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا حاتم، عن يزيد بن أبي عبيد الله قال: قلت لسلمة بن الأكوع: على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال: على الموت.
[2800]
3937 - حدثني أحمد بن إشكاب: حدثنا محمد بن فضيل، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه قال: لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما، فقلت: طوبى لك، صحبت النبي صلى الله عليه وسلم وبايعته تحت الشجرة، فقال: يا ابن أخي، إنك لا تدري ما أحدثنا بعده.
3938 - حدثنا إسحاق: حدثنا يحيى بن صالح قال: حدثنا معاوية، هو ابن سلام، عن يحيى، عن أبي قلابة: أن ثابت بن الضحاك أخبره: أنه بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة.
[4562]
3939 - حدثني أحمد بن إسحاق: حدثنا عثمان بن عمر: أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}. قال: الحديبية، قال أصحابه: هنيئا مريئا، فما لنا؟ فأنزل الله: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار}. قال: شعبة: فقدمت الوفة، فحدثت بهذا كله عن قتادة، ثم رجعت فذكرت له فقال: أما: {إنا فتحنا لك}. فعن أنس، وأما هنيئا مرئيا، فعن عكرمة.
[4554].
3940 - حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا أبو عامر: حدثنا إسرائيل، عن مجزأة بن زاهر الأسلمي، عن أبيه، وكان ممن شهد الشجرة، قال: اني لأوقد تحت القدر بلحوم الحمر، إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاكم عن لحوم الحمر.
وعن مجزأة، عن رجل منهم، من أصحاب الشجرة، اسمه أهبان بن أوس، وكان اشتكى ركبته، فكان إذا سجد جعل تحت ركبته وسادة.
3941 - حدثني محمد بن بشار: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سويد بن النعمان، وكان من أصحاب الشجرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أتو بسويق، فلاكوه.
3942 - حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع: حدثنا شاذان، عن شعبة، عن أبي جمرة قال: سألت عائذ بن عمرو رضي الله عنه، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أصحاب الشجرة، هل ينقض الوتر؟ قال: إذا أوترت من أوله فلا توتر من آخره.
3943 - حدثني عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره، وعمر ابن الخطاب يسير معه ليلا، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سأله فلم يجيبه، ثم سأله فلم يجيبه، فقال عمر بن الخطاب: ثكلتك أمك يا عمر، نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين، وخشيت أن ينزل في قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي، قال: فقلت: لقد خشيت أن يكون قد نزل في قرآن، وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، فقال: (لقد أنزلت علي الليلة سورة، لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. ثم قرأ: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}).
[4553، 4725]
3944 - حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا سفيان قال: سمعت الزهري حين حدث هذا الحديث، حفظت بعضه، وثبتني معمر، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم: يزيد أحدهما على صاحبه قالا: خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما أتى ذا الحليفة، قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة، وبعث عينا له من خزاعة، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه، قال: إن قريشا جمعوا لك جموعا، وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك، وصادوك عن البيت، ومانعوك. قال: (أشيروا أيها الناس علي، أترون أن أميل إلى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت، فإن يأتونا كان الله عز وجل قد قطع عينا من المشركين وإلا تركناهم محروبين). قال أبو بكر: يا رسول الله، خرجت عامدا لهذا البيت، لا تريد قتل أحد، ولا حرب أحد، فتوجه له، فمن صدنا عنه قاتلناه. قال: (امضوا على اسم الله).
[1608]
3945 - حدثني إسحاق: أخبرنا يعقوب: حدثني ابن أخي ابن شهاب، عن عمه: أخبرني عروة بن الزبير: أنه سمع مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة: يخبران خبرا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية، فكان فيما أخبرني عروة عنهما: أنه لما كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو يوم الحديبية على قضية المدة، وكان فيما اشترط سهيل بن عمرو أنه قال: لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، وخليت بيننا وبينه. وأبى سهيل أن يقاضي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على ذلك، فكره المؤمنون ذلك وامعضوا، فتكلموا فيه، فلما أبى سهيل أن يقاضي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على ذلك، كاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد رسول صلى الله عليه وسلم أبا جندل بن سهيل يومئذ إلى أبيه سهيل ابن عمرو، ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة، وإن كان مسلما، وجاءت المؤمنات مهاجرات، فكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم، حتى أنزل الله تعالى في المؤمنات ما أنزل.
3946 - قال ابن شهاب: وأخبرني عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر من المؤمنات بهذه الآية: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك}.
وعن عمه قال: بلغنا حين أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد إلى المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهم، وبلغنا أن أبا بصير: فذكره بطوله.
[1608]
3947/3949 - حدثنا قتيبة، عن مالك، عن نافع: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما خرج معتمرا في الفتنة، فقال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهل بعمرة، من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أهل بعمرة عام الحديبية.
(3948) - حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أنه أهل وقال: إن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، حين حالت كفار قريش بينه، وتلا: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
(3949) - حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء: حدثنا جويرية، عن نافع: أن عبيد الله بن عبد الله وسالم بن عبد الله أخبراه: أنهما كلما عبد الله بن عمر. وحدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا جويرية، عن نافع: أن بعض بني عبد الله قال له: لو أقمت العام، فإني أخاف أن لا تصل إلى البيت، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فحال كفار قريش دون البيت، فنحر النبي صلى الله عليه وسلم هداياه، وحلق وقصر أصحابه. قال أشهدكم أني أوجبت عمرة، فإن خلي بيني وبين البيت طفت، وإن حيل بيني وبين البيت صنعت كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسار ساعة، ثم قال: ما أرى شأنهما إلا واحدا، أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرتي، فطاف طوافا واحدا، وسعيا واحدا، حتى حل منهما جميعا.
[1558]
3950/ 3951 - حدثني شجاع بن الوليد: سمع النضر بن محمد، حدثنا صخر، عن نافع قال: إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر، وليس كذلك، ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار، يأتي به ليقاتل عليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع عند الشجرة، وعمر لا يدري بذلك، فبايعه عبد الله ثم ذهب إلى الفرس، فجاء به إلى عمر، وعمر يستلئم للقتال، فأخبره أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم يبايع تحت الشجرة، قال: فانطلق، فذهب معه حتى بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي التي يتحدث الناس أن ابن عمرأسلم قبل عمر.
(3951) وقال هشام بن عمار: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا عمر بن محمد العمري: أخبرني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن الناس كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، تفرقوا في ظلال الشجر، فإذا الناس محدقون بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا عبد الله، انظر ما شأن الناس قد أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوجدهم يبايعون، فبايع ثم رجع إلى عمر، فخرج فبايع.
3952 - حدثنا ابن نمير: حدثنا يعلى: حدثنا إسماعيل قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حين اعتمر، فطاف فطفنا معه، وصلى فصلينا معه، وسعى بين الصفا والمروة، فكنا نستره من أهل مكة لا يصيبه أحد بشيء.
[1523]
3953 - حدثنا الحسن بن إسحاق: حدثنا محمد بن سابق: حدثنا مالك بن مغول قال: سمعت أبا حصين قال: قال أبو وائل: لما قد سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبره، فقال: اتهموا الرأي، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددت، والله ورسوله أعلم، وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه قبل هذا الأمر، ما نسد منها خصما إلا انفجر علينا خصم ما ندري كيف نأتي له.
[3010]
3954/3955 - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجزة رضي الله عنه قال: أتى علي النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، والقمل يتناثر على وجهي، فقال: (أيؤذيك هوام رأسك). قلت: نعم، قال: (فاحلق، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكة). قال: أيوب: لا أدري بأي هذا بدأ.
(3955) حدثني محمد بن هشام أبو عبد الله: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجزة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ونحن محرمون، وقد حصرنا المشركون، قال: كانت لي فروة، فجعلت الهوام تساقط على وجهي، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أيؤذيك هوام رأسك). قلت: نعم، قال: وأنزلت هذه الآية: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}.
[1719]
34 - باب: قصة عكل وعرينة.
3956/3957 - حدثني عبد الأعلى بن حماد: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا سعيد، عن قتادة: أن أنسا رضي الله عنه حدثهم: أن ناسا من عكل وعرينة، قدموا المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم وتكلموا بالإسلام، فقالوا: يانبي الله، إنا كنا أهل ضرع، ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة، فأمرلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيه فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذود، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فبعث الطلب في آثارهم، فأمر بهم فسمروا أعينهم، وقطعوا أيديهم، وتركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا على حالهم.
قال قتادة: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كان يحث على الصدقة، وينهى عن المثلة.
وقال شعبة أبان وحماد عن قتادة: من عرينة. وقال يحيى بن أبي كثير وأيوب عن أبي قلابة عن أنس: قدم نفر من عكل.
(3957) - حدثني محمد بن عبد الرحيم: حدثنا حفص بن عمر، أبوعمر الحوضي: حدثنا حماد بن زيد: حدثنا أيوب والحجاج الصواف قال: حدثني أبو رجاء مولى أبي قلابة، وكان معه بالشأم: أن عمر بن عبد العزيز استشار الناس يوما، قال: ما تقولون في هذه القسامة؟ فقالوا: حق قضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضت بها الخلفاء قبلك، قال: وأبو قلابة خلف سريره، فقال عنبسة بن سعيد: فأين حديث أنس في العرنيين؟ قال أبو قلابة: إياي حدثه أنس بن مالك.
قال: عبد العزيز بن صهيب، عن أنس: عن عرينة. وقال أبو قلابة، عن أنس: من عكل، ذكر القصة.
[231]
35 - باب: غزوة ذات القرد.
وهي الغزوة التي أغاروا على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم قبل خيبر بثلاث.
3958 - حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا حاتم، عن يزيد بن أبي عبيد قال: سمعت سلمة بن الأكوع يقول: خرجت قبل أن يؤذن بالأولى، وكانت لقاح رسول الله صله الله عليه وسلم ترعى بذي قرد، قال: فلقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف فقال: أخذت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: من أخذها؟ قال: غطفان، قال: فصرخت ثلاث صرخات: يا صباحاه، قال: فأسمعت ما بين لابتي المدينة، ثم اندفعت على وجهي حتى أدركتهم وقد أخذوا يستقون من الماء، فجعلت أرميهم بنبلي، وكنت راميا، وأقول:
أنا ابن الأكوع *** واليوم يوم الرضع
وأرتجز، حتى استنفذت اللقاح منهم، واستلبت منهم ثلاثين بردة. قال: وجاء النبي صلى الله عليه وسلم والناس، فقلت: يا نبي الله، قد حميت القوم الماء وهم عطاش، فابعث إليهم الساعة، فقال: (يا ابن الأكوع، ملكت فأسجح). قال: ثم رجعنا ويردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته حتى دخلنا المدينة.
[2876]
36 - باب: غزوة خيبر.
3959 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار: أن سويد بن النعمان أخبره:
أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر، حتى أذا كنا بالصهباء، وهي من أدنى خيبر، صلى العصر، ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا بالسويق، فأمر به فثري، فأكل وأكلنا، ثم قام إلى المغرب فمضمض ومضمضنا، ثم صلى ولم يتوضأ.
[206]
3960 - حدثنا عبد الله بن مسلمة: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر، يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلا شاعرا حداء، فنزل يحدو بالقوم يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اتقينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا *** إنا إذا صيح بنا أبينا
وبالصياح عولوا علينا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من هذا السائق). قالوا: عامر بن الأكوع، قال: (يرحمه الله). قال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله، لولا أمتعتنا به؟ فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة، ثم إن الله تعالى فتحها عليهم، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم، أوقدوا نيرانا كثيرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما هذه النيران؟ على أي شيء توقدون). قالوا: على لحم، قال: (على أي لحم). قالوا: لحم حمر الإنسية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أهريقوها واكسروها). قال رجل: يا رسول الله، أو نهريقها ونغسلها؟ قال: (أو ذاك). فلما تصاف القوم كان سيف عمر قصيرا، فتناول به ساق يهودي ليضربه، ويرجع ذباب سيفه، فأصاب عين ركبة عامر فمات منه، قال: فلما قفلوا قال سلمة: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيدي قال: (مالك). قلت له: فداك أبي وأمي، زعموا أن عامرا حبط عمله؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كذب من قاله، إن له لأجرين - وجمع بين إصبعيه - إنه لجاهد مجاهد، قل عربي مشى بها مثله). حدثنا قتيبة: حدثنا حاتم، قال
نشأ بها).
[2345]
3961/3962 - حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن حميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلا، وكان إذا أتى قوما بليل لم يغز بهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالو: محمد والله، محمد والخميس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بسحة القوم فساء صباح المنذرين).
(3962) - أخبرنا صدقة بن الفضل: أخبرنا ابن عيينة: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صبحنا خيبر بكرة، فخرج أهلها بالمساحي، فلما بصروا بالنبي صلى الله عليه وسلم قالوا: محمد والله، محمد والخميس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين). فأصبنا من لحوم الحمر، فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنها رجس).
[364]
3963 - حدثناعبد الله بن عبد الوهاب: حدثنا عبد الوهاب: حدثنا أيوب، عن محمد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه جاء فقال: أكلت الحمر، فسكت، ثم أتاه الثانية فقال: أكلت الحمر، فسكت، ثم أتاه الثالثة فقال: أفنيت الحمر، فأمر مناديا فنادى في الناس: (إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية). فأكفئت القدور، وإنها لتفور باللحم.
[5208، وانظر: 364]
3964/3965 - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح قريبا من خيبر بغلس، ثم قال: (الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة القوم فساء صباح المنذرين). فخرجوا يسعون في السكك، فقتل النبي صلى الله عليه وسلم المقاتلة وسبى الذرية، وكان في السبي صفية، فصارت إلى دحية الكلبي، ثم صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل عتقها صداقها. فقال: عبد العزيز بن صهيب لثابت: يا أبا محمد، آنت قلت لأنس: ما أصدقها؟ فحرك ثابت رأسه تصديقا له.
(3965) - حدثنا آدم: حدثنا شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سبى النبي صلى الله عليه وسلم صفية، فأعتقها وتزوجها. فقال ثابت لأنس: ما أصدقها؟ قال: أصدقها نفسها، فأعتقها.
[364]
3966 - حدثنا قتيبة: حدثنا يعقوب، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الأخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقيل: ماأجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما إنه من أهل النار). فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه لكما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال: فخرج الرجل جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: (وما ذاك). قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: (إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار. إن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة).
[2742]
3967 - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سعيد ابن المسيب: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ممن معه يدعي الإسلام: (هذا من أهل النار). فلما حضر القتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراحة، فكاد بعض الناس يرتاب، فوجد الرجل ألم الجراحة، فأهوى بيده إلى كنانته، فاستخرج منها أسهما فنحر بها نفسه، فاشتد رجال من المسلمين فقالوا: يا رسول الله، صدق الله حديثك، انتحر فلان فقتل نفسه، فقال: (قم يا فلان، فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، إن الله ليؤيد الدين بالرجل الفاجر).
تابعه معمر، عن الزهري. وقال شبيب، عن يونس، عن ابن شهاب: أخبرني ابن المسيب، وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب: أن أبا هريرة قال: شهدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر. وقال ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. تابعه صالح عن الزهري. وقال الزبيدي: أخبرني الزهري: أن عبد الرحمن بن كعب أخبره: أن عبيد الله بن كعب قال: أخبرني من شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر.
وقال الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله وسعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[2897]
3968 - حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا عبد الواحد، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، أو قال: لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشرف الناس على واد، فرفعوا أصواتهم بالتكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا، وهو معكم). وأنا خلف دابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعني وأنا أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال لي: (يا عبد الله بن قيس). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة). قلت: بلى يا رسول الله، فداك أبي وأمي، قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله).
[2830]
3969 - حدثنا المكي بن ابراهيم: حدثنا يزيد بن أبي عبيد قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة.
3970 - حدثنا عبد الله بن مسلمة: حدثنا ابن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل قال: التقى النبي صلى الله عليه وسلم والمشركون في بعض مغازيه، فاقتتلوا، فمال كل قوم إلى عسكرهم، وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركون شاذة ولا فاذة إلا اتبعها فضربها بسيفه، فقيل: يا رسول الله، ما أجزأ أحد ما أجزأ فلان، فقال: (إنه من أهل النار). فقالوا: أينا من أهل الجنة، إن كان هذا من أهل النار؟ فقال رجل من القوم: لأتبعنه، فإذا أسرع وأبطأ كنت معه، حتى جرح، فاستعجل الموت، فوضع نصاب سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، فقال: (وما ذاك). فأخبره، فقال: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنه، فيما يبدو للناس، وإنه من أهل النار. ويعمل بعمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة).
[2742]
3971 - حدثنا محمد بن سعيد الخزاعي: حدثنا زياد بن الربيع، عن أبي عمران قال: نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة، فرأى طيالسة، فقال: كأنهم الساعة يهود خيبر.
3972 - حدثنا عبد الله بن مسلمة: حدثنا حاتم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة رضي الله عنه قال: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر، وكان رمدا، فقال: أنا أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلحق به، فلما بتنا الليلة التي فتحت، قال: (لأعطين الراية غدا، أو: ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه). فنحن نرجوها، فقيل: هذا علي، فأعطاه ففتح عليه.
[2812]
3973 - حدثنا قتيبة قن سعيد: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم قال: أخبرني سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: (لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله). قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: (أين علي ابن أبي طالب). فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عيني