عندما يبدأ الوالدان مهمة التربية الدينية لطفلهما في سن مبكرة، فإن ذلك يهيئ الطفل لتنمو في نفسه عقيدة الإيمان بالله تعالى.
وهناك وسائل كثيرة لتنمية هذه العقيدة لدى الطفل منها:
تشجيع الطفل على التأمل والتفكر فيما حوله:
فالصغير يميل إلى البحث والسؤال والتأمل فيما حوله من عجائب الكون التي تدل على عظمة الله، ولكن هذا الميل يخبو ويزول مع الوقت إذا لم يتوفر له التشجيع من قبل المربي.
فعلى المربي أن يثير انتباه الطفل وحسه للتأمل فيما حوله ويبدأ في سن مبكرة، فيلفت انتباه الصغير إلى السماء والنجوم والسحاب والمطر والرمال والبحر، وإلى تلك الزهرة وإلى هذه الصخرة.
ولابد أن يُظهر ذلك للطفل باندهاشه بما حوله وبنبرة صوته وبانبهاره بما يرى.
ويمكن استخدام الوسائط المختلفة في ذلك كمشاهدة البرامج أو اقتناء أفلام عن الطبيعة والكائنات المختلفة، وتوفير الكتب المزودة بالصور.
كما يمكن تربية دواجن وحيوانات أليفة لملاحظة تكاثرها ونموها وموتها وإرجاع ذلك كله إلى قدرة الله.
وكذلك زيارة حدائق الحيوان والمزارع، وزراعة الطفل للنباتات ورعايتها وملاحظة تدرج نموها.
كما يمكن إتاحة الفرصة للطفل لتذوق الفنون المختلفة والتعرف على الاكتشافات والتقدم الذي أحرزه الإنسان وإثارة إحساس الطفل للتعرف إلى الله الخالق ملهم البشر الذي منح الإنسان عقلاً يفكر به ويخترع. ولتحقيق ذلك يمكن زيارة المتاحف والمعارض والرجوع إلى الكتب والمجلات.
الاقتداء بمن حوله يقوي إيمان الطفل بربه بالسماع والمشاهدة:
فعندما يرى الطفل من حوله ويسمعهم يذكرون الله في صلواتهم وفي كل حين وعلى أي حال فإنه يقلدهم. كما أنه يقلد من يحبه ويألفه من معلمين وأقارب.
تعويد الطفل على اللجوء إلى الله في كل وقت خاصة عند الصعوبات:
والمشاكل التي يواجهها الطفل قد تكون بسيطة جدًّا ولكنها تبدو غير ذلك بالنسبة له، وعند حدوثها يوجَّه الطفل إلى دعاء الله وطلب العون منه.
وللقدوة دور كبير في ذلك، فلو أن الوالدين ذكرا الله عند حلول أي مصيبة عند كسر كأس مثلاً فقالا "لا حول ولا قوة إلا بالله"، لتابعهما الطفل وعلم أن كل شيء بقدر الله، وعند حدوث ما يسر الوالدين رآهما يفرحان ويستبشران ويحمدان الله الذي أنعم عليهما ويرجعان ما بهما من خير وسعادة إلى الله.
فعندما يشعر الطفل بالضيق لحدث شئ معين كفقدان لعبة أو صديق أو قريب، يحسن بالوالدين بدلاً من حماية الطفل من المرور بالتجربة وإعطائه الحلول الجاهزة، أن يساعدا الطفل على تحمل الخوض في التجربة عن طريق احتضانه ومشاركته مشاعره وإفهامه أن الله معه وسوف يساعده ويمكن اختيار دعاء بسيط يردده الطفل كلما شعر بالضيق.
كما أن الطفل في سنواته الأولى يمر بمرحلة خوف طبيعية، فيخاف من الظلام ويخاف من بعض الحيوانات.. وهذه فرصة للمربي كي يعالج مشكلة الخوف ويُشعر الطفل بالأمان وذلك بربطه بخالقه، فالله معه ويحفظه من كل شر خاصة إذا ردد أذكارًا معينة "المعوذات وآية الكرسي...".
تعويد الطفل على الإحساس برقابة الله الدائمة له:
فالله مع الإنسان أينما كان، وهو يعلم بما يخفي وما يعلن. والطفل يكتسب ذلك عندما نتحدث معه عن علم الله الشامل ونحث الطفل على استشعار ذلك في المواقف المختلفة دون تخويف أو تهديد.
تعويد الطفل على ذكر الله:
يردد المربي مع الطفل الأدعية والأذكار في المناسبات المختلفة كدعاء الاستيقاظ ودعاء النوم وعند نزول المطر والتسمية عند الأكل.. بكل استشعار وحب فيتعود الطفل على ذكر الله في كل وقت وعلى أي حال مما يجعله يتعلق بالله ويحبه.
وعلى المربي الحرص على الاستمرارية والمتابعة فلا يكفي مرة واحدة أو مرتين وإنما دائمًا مهما كانت الظروف.
وعندما يربَّى الطفل على الحياة الدائمة مع الله والتطلع الدائم إليه والإحساس الدائم به والمراقبة الدائمة له في كل ما يفعله، عندها يتدفق حب الله في قلب الطفل، حب كفيل بطاعته طاعة منبعثة من الرضا لا من القهر والخوف والعقاب.
تعويد الطفل على التسليم المطلق لله:
فالله هو الذي خلقنا ويعلم ما يناسبنا وما فيه مصلحة لنا. والطفل يكتسب ذلك من خلال الخطوات السابقة ومن السهل عليه الآن الامتثال لأوامر الله حتى لو لم يعرف السبب (الحكمة).
وفي الدين أمور كثيرة لا نعرف الحكمة منها ولا تتضح لنا، فإذا ثبت في القرآن والحديث أمر شرعي وجب علينا الامتثال له وإن لم تتضح لنا الأسباب.